أفريقيا وخطة رئيسة الوزراء الايطالية ميلوني (Mattei Plan) للتعاون مع القارة

د/ غادة فؤاد 20 يوليو 2024

مدير المركز الافريقي للابحاث والدراسات الاستراتيجية (اكريس)

أفريقيا وخطة رئيسة الوزراء الايطالية ميلوني (Mattei Plan) للتعاون مع القارة

يبدو أن ثروات القارة الأفريقية ستظل عامل جذب للقوى الدولية الفاعلة ومنها ايطاليا التي لا تنظر لافريقيا كمصدر بديل لتوفير الطاقة سواء الأحفورية أو النظيفة بمختلف تنوعاتها فقط ولكن تمثل القارة مفتاح هام لحل قضية تؤرق القيادة والنظام السياسي في ايطاليا هي قضية الهجرة غير الشرعية لأوربا بوجه عام وايطاليا بشكل خاص. وعند النظر إلى خطة ماتي التي أعلنتها جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الايطالية في شهر يناير الماضي أثناء القمة الايطالية الافريقية نجد أنها تأمل أن تكون نقطة انطلاق من أجل العمل على محورين اساسيين تستهدفهم ايطاليا حاليا في تعاملها مع افريقيا المحور الاول معالجة أزمة الطاقة والثاني العمل على ايجاد حلول عملية وواقعية لأزمة الهجرة وكيفية القضاء على أفواج المهاجرين الافارقة المتجهة إلى أوروبا عبر ايطاليا.

فقد أعلنت ميلوني عن تنفيذ خطة ماتي " Mattei Plan التي ستقدم 5.5 مليار يورو في شكل منح أو قروض من أجل العمل على مشروعات اقتصادية وتنموية في القارة الافريقية، من خلال البدء مع 9 دول أساسية تشملهم المرحلة الاولى في القارة هذه البلدان هي الجزائر والكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا وساحل العاج وكينيا والمغرب وموزمبيق وتونس، مع التركيز على خمس ركائز أساسية - التعليم والتدريب والزراعة والصحة والطاقة والمياه.

وعند النظر إلى هذه الدول نجد أنها تقع بين أمرين لا ثالث الأول أنها دول  لديها حجم موثوق من مصادر الطاقة وتتمتع بقدرات واحتياطيات كبيرة مؤكدة أو متوقعة من مصادر الوقود الاحفوري (النفط والغاز)، أو أنها دول تشكل بوابة رئيسية لعصابات الهجرة غير الشرعية.

على سبيل المثال، وفقا لتصريحات وزير الطاقة الجزائري في شهر مايو الماضي كان انتاج الجزائر من الغاز الطبيعي حوالي 137 مليار متر مكعب والمستهدف أن يصل الى 200 مليار خلال الفترة القادمة مع وجود شركة ايني الايطالية في ذلك القطاع كمستثمر رئيس مع شركة سوناطراك الجزائرية.

وفيما يتعلق بالكونغو الديموقراطية نجد أن الاكتشافات النفطية وحجم الانتاج بها في تزايد مستمر، فقد أعلن عن أول اكتشاف لحقل نفط بحري في البلاد في مايو 2024 ، بالاضافة إلى حجم احتياطيات نفطية مؤكدة يصل إلى 180 مليون برميل وما يقدر بـ  5 مليارات برميل من الاحتياطيات المُقدرة. مع تواجد شركة إيني الايطالية كمستثمر في قطاع الطاقة في جمهورية الكونغو.

ايضا موزمبيق تتمتع باحتياطيات هائلة من النفط والغاز واليورانيوم، حيث تمتلك البلاد ثالث أكبر احتياطيات غاز مؤكدة في أفريقيا، كما تتواجد شركة ايني الايطالية ايضا في سوق الطاقة الموزمبيقي وتم الاعلان عن تصدير اول شحنة لاوروبا في نوفمبر 2022 عقب أزمة امدادات الطاقة لاوروبا نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية.

 وفيما يتعلق بقضية الهجرة غير الشرعية فقد كانت أزمة المهاجرين نقطة محورية في البرنامج الانتخابي لرئيسة الوزراء ميلوني حيث وعدت بالعمل على معالجتها والقضاء على أفواج المهاجرين خاصة القادمين من افريقيا. لذلك نجد أن المبادرة ضمت في مراحل التنفيذ الاولى التعاون مع المغرب وتونس والجزائر ومصر وجميعها بوابات رئيسية للهجرة غير الشرعية طالما عملت الحكومات الايطالية المتعاقبة على محاولة التنسيق مع نظرائها من حكومات تلك الدول من أجل ايجاد حل لهذه المشكلة، ولكن يبدو أن ايطاليا قد اصبحت على قناعة بإن تطوير العامل البشري الافريقي وتنمية بيئة العمل في الدول الافريقية هو المسار الصحيح لوقف الهجرة من أجل ذلك وضعت الخطة ضمن اطار عملها برامج تتعلق بالتدريب والتعليم.

لذلك تسعى ايطاليا من خلال خطة "ماتي" إلى ايجاد حلول لأزماتها الداخلية سواء بالسعي لتوفير مصادر آمنة ومستمرة للطاقة بالاضافة إلى محاولة توقيف مراكب الموت المتجهة إليها، وهذا يستدعي من الدول الافريقية السعي ايضا للحصول على أفضل البرامج التنموية والاستثمارية التي تعود بالنفع على ابناءها من خلال الاشراف المباشر على تلك البرامج المشتركة مع الوضع في الاعتبار أهمية تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالبيئة في كافة عقود الاستكشاف والانتاج نظرا لما تعانية دول القارة الافريقية الآن من آثار التغير المناخي كما ينبغي علينا الاهتمام بانشاء مصانع لانتاج المواد البتروكيماوية والمصافي للنفط ووحدات تسييل الغاز وفقا للمعايير العالمية حتى تخرج افريقيا من بوتقة العوز والفقر وغياب الخدمات الاساسية من كهرباء ومياه وصرف صحي وتتحول من مورد للمواد الخام فقد ثم إعادة استيراد المنتجات النفطية في صورتها النهائية مرة أخرى بأضعاف الاثمان. فكيف لقارة قد تصبح في السنوات القليلة القادمة المورد الرئيس للغاز والنفط للشعوب الأخرى أن لا يتوفر فيها الكهرباء لـ 600 مليون مواطن. فهل سيكون ذلك على حساب رفاهية المواطن الافريقي والخدمات المقدمة له، كل ذلك سيتوقف على شفافية العقود التي سيتم إبرامها خلال الفترة القادمة ما بين حكومات الدول والافريقية وحكومات القوى الدولية التي تتكالب حاليا على القارة واحدة تلو الأخرى تحت مسميات ومبادرات مختلفة تستهدف بالاساس تحقيق مصالحها في افريقيا.

تم نشر هذا المقال في تقرير مجلة الاهرام العربي الصادرة عن مؤسسة الاهرام المصرية وللاطلاع على التقرير بالكامل يرجى الضغط على الرابط التالي: 

https://gate.ahram.org.eg/News/4904256.aspx