الانتخابات الرئاسية 7 سبتمبر 2024 في الجزائر: قراءة في النتائج والتحديات

الدكتور زاوي رابح 27 أكتوبر 2024

أستاذ العلوم السياسية، جامعة آكلي محند أولحاج، البويرة، الجزائر

الانتخابات الرئاسية  7 سبتمبر 2024 في الجزائر: قراءة في النتائج والتحديات

27 أكتوبر 2024 

مقدمة:

    جاءت انتخابات 7 سبتمبر 2024 في الجزائر في سياق سياسي واجتماعي معقد، حيث سعى الرئيس عبد المجيد تبون لتحقيق إصلاحات واسعة خلال عهدته الأولى (2019-2024)، وركزت تلك الإصلاحات على تعزيز المؤسسات الدستورية وتطوير العلاقات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، إلى جانب مكافحة الفساد ودعم انخراط الشباب في الحياة السياسية. كما تميزت فترة حكم الرئيس عبد المجيد تبون بالتواصل المباشر مع المجتمع المدني والإعلام، حيث قام بزيارات ميدانية للتفاعل مع المواطنين، وكانت هذه الجهود جزءًا من استراتيجية أكبر لتحسين صورة الجزائر إقليميًا ودوليًا عبر سياسة خارجية شفافة. اقتصاديًا، حققت الجزائر نموًا ملحوظًا، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 260 مليار دولار في 2023 مع توقعات للوصول إلى 400 مليار دولار بحلول 2027. وقد ساهمت الإصلاحات في القطاع الفلاحي والتعدين بشكل كبير في هذا النمو، حيث تم استغلال الموارد الطبيعية وتطوير البنية التحتية، وهي استراتيجية شملت أيضًا تعزيز الاستقلال الاقتصادي من خلال تقليل الاعتماد على الواردات وتشجيع الإنتاج المحلي، كما ألغى القيود على الشراكات الأجنبية في الاستثمار، مما فتح المجال أمام الاستثمارات الدولية في الجزائر.

        على الصعيد السياسي، دعت الجزائر إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وهو قرار أتاحه الدستور، وجاءت الدعوة في ظل تحديات داخلية وخارجية تحتاج إلى مواقف قوية وثابتة لمواجهة التهديدات الإقليمية والدولية. وشملت عملية التحضير للانتخابات مراجعة شاملة للهيئة الناخبة، مع تسجيل زيادة في أعداد الناخبين داخل وخارج الجزائر. ومع ذلك، لوحظ انخفاض في مشاركة الشباب، وهو ما يعكس تحديات في إشراك هذه الفئة في العملية السياسية. كما شهدت الانتخابات منافسة بين تبون ومرشحين آخرين مثل عبد العالي حساني شريف من حركة مجتمع السلم ويوسف أوشيش من جبهة القوى الاشتراكية. كل مرشح قدم برنامجه الانتخابي الذي تضمن رؤى مختلفة لتطوير الجزائر في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتأتي نتائج الانتخابات وتفرز فوز الرئيس عبد المجيد تبون بنسبة مرتفعة، والتي تم الطعن عليها من قبل المرشحين الآخرين الذين أشاروا إلى تلاعب محتمل في النتائج، لكن جاءت النتائج النهائية بعد مراجعة المحكمة الدستورية لتؤكد حصول المترشح المستقل عبد المجيد تبون على الأغلبية المطلقة.

   تعد هذه الانتخابات مؤشرًا على التحولات السياسية والاقتصادية في الجزائر، مع استمرار التحديات المتعلقة بتحقيق إصلاحات شاملة وضمان مشاركة أكبر للشباب، وهو ما جعل رؤية الرئيس عبد المجيد تبون للفترة المقبلة تركز على استكمال الإصلاحات وتعزيز الاستقرار والتنمية، مع الحفاظ على دور الجزائر الريادي في المنطقة.

وتتناول الورقة البحثية التالية العملية الانتخابية في الجزائر والمراحل التي مرت بها وما هي أهم التحديات المتعلقة بالمرحلة المقبلة للمترشح الفائز وذلك في عدد من المحاور هي:

-       مبررات الدعوة للانتخابات الرئاسية المبكرة في الجزائر

-       الاستعداد للانتخابات الرئاسية

-       الحملات والبرامج الانتخابية للمتنافسين على الرئاسة وأهم نقاط الاختلاف والاتفاق فيما بينهم

-       تحليل لنتائج الانتخابات الرئاسية في لجزائر وأبرز المؤشرات بها

-       التحديات التي تنتظر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في عهدته الثانية

أولا: مبررات ودوافع الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة في الجزائر

        في البداية من المهم توضيح سبب دعوة الرئيس عبد المجيد تبون إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يوم 7 سبتمبر 2024 [1]، حيث إن صلاحية الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة منوطة برئيس الجمهورية بموجب الفقرة 11 من المادة 91 من الدستور الجزائري، والتي تخول لرئيس الجمهورية صراحة هذه السلطة. ولا تتضمن هذه المادة ونصها أي أحكام تحد من ممارسة الرئيس لهذه السلطة أو تجعلها مشروطة بظروف أو حالات معينة. وبالتالي يكون الرئيس من الناحية القانونية قد أستخدم صلاحياته التي خولها له الدستور ولم يكن الأمر له علاقة بالاستثناءات المنصوص عليها في المادة 94 التي تعدد وتنظم مؤسسات وآليات التعامل مع حالات الطوارئ المحتملة لرئيس الجمهورية.[2]

      وكما خلصت وكالة الأنباء الجزائرية بعد قراءتها لإعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عن قرار تنظيم الانتخابات الرئاسية في 7 سبتمبر 2024، فإن الدلالة الأساسية لهذا الإعلان هي العودة إلى الوضع الطبيعي. فقد غيّرت أحداث 2019 والانتخابات الرئاسية المؤجلة من يوليو 2019 إلى تلك التي تم تنظيمها على عجل في ديسمبر 2019 الرزنامة الانتخابية الجزائرية وعطلت التقاليد الراسخة بسبب أحداث سياسية استثنائية من حيث خطورتها.[3]

      ايضا يبدو أن التغيرات الجيوسياسية والأمنية في المنطقة كانت دافعا قويا لهذا القرار ، خاصة في ظل الصراعات والنزاعات الدائرة حاليا على الساحة الدولية وفي دول الإقليم. فمن خلال الإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة والانتهاء منها ستلعب الجزائر دورًا مهمًا في تشكيل مستقبلها في مواجهة جميع أشكال الاستعمار الجديد.[4] فالتهديدات الخارجية حقيقية وملموسة، وبما أن الأولويات الدولية تسبق الأولويات الوطنية، فإن تقليص حجمها في المرحلة الأولى أمر ضروري استباقًا لأي تطورات محتملة. لذا، يجب على الجزائر تعزيز التماسك والتناغم الداخلي.

ايضا يمكن تفسير الدعوة للانتخابات المبكرة في رغبة الرئيس تبون في العمل على استقرار الاوضاع الداخلية قبل نهاية العام والذي يحل معه استحقاقات هامة أبرزها مناقشة مشروع القانون المؤطر للسنة المالية القادمة وتمريره والمصادقة على الميزانية الجديدة من قبل رئيس الدولة قبل اعتمادها رسميا. فالميزانية كما يعلم الجميع هي عصب حياة الدولة ولا تحتمل التأخير في ظل اقتصاد لا يزال يتعافى من تبعات الصدمات التي يعيشها العالم منذ كوفيد 19 وما تلاها من تبعات الحرب الروسية الاوكرانية، كما يبدو أن الرئيس تبون أخذ في الحسبان احتمال الذهاب إلى الدور الثاني من الانتخابات وما قد يترتب على ذلك من أزمة دستورية مع انتهاء عهدة الرئيس الانتخابية أمام استحقاق انتخابي[5].

ثانيا: سيرورة التحضير للانتخابات الرئاسية المبكرة 7 سبتمبر 2024

  شهدت الفترة التي سبقت تقديم ملفات الراغبين في الترشح للرئاسة عملية المراجعة الاستثنائية للهيئة الناخبة (مراجعة وتدقيق سجلات القوائم الانتخابية)، والتي امتدت من الفترة  12 حتى  27 يونيو/جوان 2024 ، والموضحة في الشكل رقم (1)، فقد كان عدد المسجلين في قوائم الناخبين قبل المراجعة الاستثنائية تقدر بـ 24.143.603 ناخب، ومع انتهاء فترة المراجعة تم تسجيل الأرقام التالية بعد عمليات الشطب والإضافة ([6]):

- عدد من يحق لهم الانتخاب داخل الجزائر: يقدر بـ 23.486.061 ناخب، بزيادة قدرت بـ 481.106 ناخب جديد.

- عدد من يحق لهم الانتخاب في الخارج (الجالية المقيمة بالمهجر): تقدر بـ 865.490 ألف، بزيادة 16.639 ناخب جديد.

- إجمالي عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات بعد المراجعة الاستثنائية يقدر بـ: 24.351.551 ناخب.

 

شكل رقم 1: احصائيات حول الهيئة الناخبة الخاصة بالمراجعة الاستثنائية للفترة من 12 إلى 27 يونيو 2024

المصدر: السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، " الهيئة الناخبة".

 

شكل رقم 2: يبين توزيع متغيري الجنس والسن عبر الهيئة الناخبة داخل الجزائر وخارجها

     

المصدر: السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، " الهيئة الناخبة"

      أما من ناحية متغير السن والجنس، فقد كانت نسبة الهيئة الناخبة داخل الجزائر تتكون من 53 % رجال مقابل 47 % نساء، وجاء غالبية المنتخبين من الفئة العمرية الأكبر من 40 سنة بنسبة تقدر بـ 64 %، والأمر لا يختلف بالنسبة للهيئة الناخبة خارج الجزائر حيث يتفوق متغير الجنس كرجال بنسبة تقدر بـ 55 % والأكثر من 40 سنة بأكثر من 84.57 %.وهو دليل على عدم اهتمام فئة الشباب ( أقل من 40 سنة) بالتسجيل في الهيئة الناخبة (القوائم الانتخابية)ـ وربما يمكن لهذا العامل أن يفسر نسبة العزوف المرتفعة في الاستحقاقات الانتخابية.

         تبعا لصدور المرسوم الرئاسي رقم 24-182 المؤرخ في 8 يونية 2024 المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة يوم السبت 7 سبتمبر سنة 2024 وعملا بأحكام الأمر رقم 21-01 المؤرخ في 10 مارس 2021 المتضمن القانون المتعلق بنظام الانتخابات، أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عن فتح الباب أمام الراغبين في الترشح. حيث يُلزم القانون الراغبين في الترشح، الوفاء بأحد الأمرين لقبول أوراق ترشحهم، الأول: تقديم قائمة تتضمن توقيع 600 فرد على الأقل من الأعضاء المنتخبين في المجالس الشعبية البلدية أو الولائية أو البرلمانية؛ على أن تكون تلك الاعداد موزعة على 29 ولاية على الأقل، الأمر الثاني: تقديم قائمة تتضمن 50 ألف توقيع لمواطنين جزائريين على الأقل، على أن يكونو من الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية، ويجب أن تجمع عبر 29 ولاية على الأقل ايضا، وينبغي ألا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع ([7]).

       وبعد انتهاء الآجال القانونية (الفترة القانونية المحددة لجمع وتقديم التوقيعات)، حل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في المرتبة الأولى من حيث عدد التوقيعات التي جُمعت له في ظرف قياسي لم يتعد الأسبوع. وجاء في المرتبة الثانية من حيث عدد التوقيعات المجمعة، رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف الذي كشف حزبه عن جمع ما يزيد عن 90 ألف توقيع من المواطنين، و2200 من المُنتخبين، ولعل ما سمح بجمع هذا العدد، قوة تنظيم الحزب وانتشاره وهيكلته في كامل الولايات. أما في المرتبة الثالثة فقد تمكن يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية التي تعد أقدم حزب معارض في البلاد من تقديم 1300 توقيع لأفراد منتخبين على مستوى الولايات، وذلك رغم ما صرح به المترشح عن “العوائق العديدة والمناخ العام المعادي للعمل السياسي التي تجاوزناها بجهد خالص ومستقل لهيئاتنا ومناضلينا على المستوى الوطني” ([8]).

       وعملا بأحكام الدستور، لاسيما المواد 56 و 87 و 91 (العنصرين 10 و11 و المتضمنان صلاحيات رئيس الجمهورية في استدعاء الهيئة الناخبة، و إمكانية أن يقرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ) و المادة 191 منه، وعملا بأحكام المادة 252 الفقرة (4) من الأمر رقم 21-101 المؤرخ في 10 مارس سنة 2021 المتضمن القانون المتعلق بنظام الانتخابات المعدل والمتمم، وعملا بأحكام المادتين 58 و 59 من النظام المؤرخ في 5 سبتمبر سنة 2022 المحدد لقواعد عمل المحكمة الدستورية، اجتمعت المحكمة الدستورية في جلسات مغلقة، خلال الفترة من 27 حتى 30 يوليو الماضي 2024، لدراسة الطعون التي تم تقديمها، والتي بلغ عددها خمسة طعون (5)، وفي 31 يوليو 2024 أعلنت المحكمة القائمة النهائية للمترشحين لانتخاب رئيس الجمهورية. والتي شملت ثلاثة مترشحين فقط هم: أوشيش يوسف عن حزب جبهة القوى الاشتراكية، عبد المجيد تبون مترشح مستقل، وحساني شريف عبد العالي عن حركة مجتمع السلم [9].

ثالثا، الحملات الانتخابية: هل يعكس تعدد البرامج التوجهات السياسية؟

       قدم المترشح المستقل عبد المجيد تبون برنامجه الانتخابي للانتخابات الرئاسية المبكرة لعام 2024، الذي يهدف إلى مواصلة مسيرة الإصلاحات التي بدأها في العهدة الانتخابية الأولى ومن أجل تحقيق المزيد من الاستقرار والتنمية في الجزائر. البرنامج، الذي يتوزع على عدة محاور رئيسية، يعكس رؤية تبون لاستكمال ما بدأه خلال السنوات الماضية من إصلاحات اقتصادية، اجتماعية، وسياسية.

       لقد ركز برنامج الرئيس تبون (من أجل جزائر منتصرة) على تعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة، بما في ذلك ذوي الهمم، والنساء ربات البيوت، والمتقاعدين [10] . كما تضمن تحسين الرعاية الصحية والاجتماعية، مع التركيز على مكافحة مرض السرطان ليس هذا فحسب بل مكافحة المخدرات والفساد، بالاضافة إلى تطوير صيغ السكن لجميع الفئات الاجتماعية [11]. من جانب آخر تضمن البرنامج إصلاحات جذرية لرفع مستوى النمو الاقتصادي، من خلال دعم الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الاستيراد. ويهدف البرنامج إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 400 مليار دولار خلال العهدة الثانية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الزراعية والحيوانية. كما شمل تطوير الصناعات المحلية وتعزيز الاستثمار في البنى التحتية والطاقة. وفي مجال الدفاع، يهدف البرنامج إلى تطوير القدرات الدفاعية للجيش الجزائري وتعزيز الصناعات العسكرية والأمن السيبراني.

       أما على صعيد العلاقات الإقليمية والدولية ، يلتزم برنامج الرئيس تبون بمساندة الشعوب المضطهدة ودعم القضية الفلسطينية، مع إلتزام الجزائر بسياسة عدم الانحياز وتعزيز التعاون مع دول الجوار.

وفيما يتعلق بالمترشح عبد العالي حساني شريف، فقد ضمن برنامجه الانتخابي الذي اعلنه للترشح للانتخابات الرئاسية تحت مسمى "فرصة"، خمس أولويات وخمس محاور تشمل 62 تعهدا تغطي مجالات السياسة والاقتصاد  والجبهة الاجتماعية والعلاقات الخارجية وغيرها من المجالات. حيث ركز على  أولوية "إصلاح النظام السياسي وتحقيق الشراكة السياسية الواسعة” ، والالتزام بالتأسيس لـ “نظام حكم سياسي ديمقراطي متكامل ومتوازن مبني على الإرادة الشعبية، ويشجع المشاركة الواسعة، قائم على عناصر الهوية الجزائرية، يحمي الحقوق والمستقليات، ويحدد الواجبات والمسؤوليات، ويحقق قيم العدالة، ويضمن الفصل بين السلطات” [12]. إضافة إلى توسيع الدور الرقابي للبرلمان بغرفتيه، وتعميق إصلاحات قطاع القضاء، وإصلاح منظومة التمثيل الانتخابي وتداول السلطة، ودعم صلاحيات المجالس المنتخبة في الجماعات المحلية، وإصلاح منظومة المتابعة والرقابة والمالية المحلية والتقييم للسياسات العمومية [13].

كما شمل البرنامج الانتخابي "فرصة" إجراءات تتعلق بتحسين الظروف المعيشية للمواطن الجزائري، ومن ضمنها التوزيع العادل للثروة من خلال مراجعة طرق دعم الطبقات الفقيرة والمتوسطة، والمراجعة المتدرجة للحد الأدنى للأجر المضمن ومعاشات التقاعد، وإعادة تفعيل الحوار المجتمعي لتوزيع الفوائض على العمال في القطاع الاقتصادي، ومعالجة التضخم بالموازنة بين الإجراءات الظرفية والاستراتيجية. وفي المحور المتعلق بـ "التنمية الاقتصادية"، راهن حساني الشريف على "إرساء مقومات اقتصاد اجتماعي حر، متنوع ومستدام، متحرر من مقاربة الريع محوره الإنسان، منهجه المشاركة، ويضمن الكفاية، ويحقق الرفاه للجزائريين بمعايير النمو السريع المتوازن، وبيئة أعمال جاذبة واستثمار منتج للثروة". إضافة إلى "رفع معايير النمو"، انطلاقا للارتقاء بالناتج المحلي الاجمالي إلى حدود 450 مليار دولار، ورفع الدخل الفردي بقيمة 9000 دولار، وتقليص معدل البطالة إلى 5 بالمائة، إضافة إلى خفض معدل التضخم إلى 3 بالمائة، مع رفع معدل النمو فوق عتبة 7 بالمائة، ومراجعة آليات تقدير قيمة صرف الدينار بمقاربات متكاملة ([14]) . كما تضمّن البرنامج الانتخابي للمترشح عبد العالي حساني شريف أولوية "تعزيز محورية الجزائر في المحيط الدولي" وزيادة تأثيرها الإيجابي ضمن محيطها الإقليمي، وتعزيز انفتاحها وشراكاتها المتعددة النافعة، وتحصينها ضد التهديدات المختلفة، بداية بتقوية جبهتها الداخلية وتعزيز المناعة الذاتية ضد مشاريع الاختراق، وحماية أمنها الفكري والثقافي، وتأكيد الإجماع الوطني بشأن القضايا العادلة، وتعزيز قدرات الأمن والدفاع الوطني.

     بالنسبة للمترشح يوسف أوشيش مرشح جبهة القوى الاشتراكية فيبدو أن برنامجه الانتخابي (رؤية) قد “رفع السقف عاليا” من أجل تكريس دولة القانون، ودولة المستقليات والديمقراطية، من خلال إصلاح عميق وجذري للحياة السياسية والمؤسساتية، عبر الالتزام بتبني نظام شبه رئاسي، ذي توجه برلماني، من أجل تكريس فعلي للتوازن بين السلطات. ويرى المترشح أن تناسق وتكامل المؤسسات واستدامتها أكثر أهمية من قوة سلطة الأفراد وهيمنتهم، وتعهد بتوسيع صلاحيات البرلمان، وإجراء انتخابات عامة خلال النصف الأول من سنة 2025.

 كما أن مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية الجزائرية، كان يلتزم في برنامجه بـ "ضمان استقلالية العدالة، من خلال إصلاح المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء، وإعادة الاعتبار لميزان العدل، وضمان المساواة أمام القانون، لوضع حد لمشاعر الظلم واللاعدالة من جهة، ولغطرسة وتمادي البعض الآخر في عدم احترام القانون". أما على الصعيد الاجتماعي، فقد كان يستهدف إعادة تقييم القدرة الشرائية، من خلال رفع الأجر الوطني الأدنى إلى 40 ألف دينار جزائري، وإلغاء الضريبة على الدخل للأجور التي تكون أقلَ من 50 ألف دينار جزائري، ووضع سقف لأسعار المواد الغذائية. وتعهّد بإنشاء حد أدنى للدخل للجميع يساوي 50 بالمئة من الأجر الوطني الأدنى المضمون، وإعادة تقييم المِنح العائلية إلى 3000 دينار جزائري لكل طفل، مع تفعيل الحق في التقاعد المبكر قبل نهاية السنة، والالتزام بتأهيل الطبقات الوسطى[15].

وتضمن البرنامج ايضا إجراءات تفيد قطاعات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والصحة ورفع ميزانيتها بنسبة 50 بالمئة على الأقل، لكل قطاع وعلى وجه الخصوص قطاع التعليم، والعمل على إخراج المدرسة مما وصفه بـ "الصراعات الأيديولوجية"، وتأهيلها كمكان للعلم وتطوير القدرات العقلية والفكرية وتحويل الديوان الوطني للخدمات الجامعية إلى مؤسسة عمومية اقتصادية، وتطويرها وضمان استقلالها، ورفع منحة الطالب الجامعي إلى 20000 دينار جزائري شهريا، ضمن الدخل الأدنى المضمون و دمج جميع حاملي شهادة “الماجستير” و”الدكتوراة” في قطاع التعليم العالي، دون قيد أو شرط [16].

وفي محور السياسة الخارجية، تضمن البرنامج اعتماد سياسة دبلوماسية “هجومية”، ولعب دور أكبر كوسيط لحلّ النزاعات الجهوية والإقليمية، مع تقوية ودعم مناطق التأثير الجزائرية في إفريقيا، إضافة إلى العمل على  "إعادة التقييم لعلاقات الجزائر مع جميع شركائها على أساس المصلحة الوطنية والمعاملة بالمِثل والاحترام المتبادل، وتقوية العلاقات مع الشركاء الجدد في إفريقيا، وكذا مواصلة دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية، ودعم مناطق التجارة الحرة الإفريقية من أجل تجارة بينية داخلية بين الأفارقة، مع إعادة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي".

جدول رقم (1): يوضح أهم الأفكار التي تم طرحها من قبل المترشحين الثلاثة للانتخابات الرئاسية الجزائرية 2024

المترشح

أهم الأفكار التي تضمنها البرنامج الانتخابي للمترشح

المترشح المستقل عبد المجيد تبون

(من أجل جزائر منتصرة)

  • الجانب الاجتماعي: تعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة، مكافحة المخدرات والفساد، تحسين الرعاية الصحية.
  • النهوض بالاقتصاد الوطني: إصلاحات اقتصادية لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد، تحقيق الاكتفاء الذاتي.
  • إصلاح الدولة والمجتمع المدني: تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، تمكين الشباب.
  • التحول الرقمي والتكنولوجيا: استكمال الرقمنة في القطاعات الحكومية، تطوير التعليم والتكوين المهني.
  • السياسة الخارجية والدفاع الوطني: دعم القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية، تعزيز القدرات الدفاعية.

مترشح حركة مجتمع السلم

عبد العالي حساني شريف

(فرصة)

  • الإصلاحات السياسية: تعزيز الشراكة السياسية، نظام حكم ديمقراطي، الفصل بين السلطات.
  • الدعم الاجتماعي: مراجعة سياسة الدعم، تحسين الظروف المعيشية، تنويع المنتجات السكنية.
  • التنمية الاقتصادية: اقتصاد اجتماعي حر، رفع الناتج المحلي، تقليص البطالة والتضخم.
  • الدور الدولي: تعزيز دور الجزائر دولياً، تطوير القدرات الدفاعية والأمنية.
  • التعليم والتنمية الثقافية: تطوير التعليم والبحث العلمي، تعزيز دور المسجد.

مترشح جبهة القوى الاشتراكية

يوسف أوشيش

(رؤية)

  • الإصلاحات القضائية والسياسية: نظام شبه رئاسي برلماني، توسيع صلاحيات البرلمان، ضمان استقلالية العدالة
  • السياسة الاجتماعية: رفع الأجور، إلغاء بعض الضرائب، تحسين الخدمات الصحية.
  • الاقتصاد: تنويع الاقتصاد، محاربة السوق الموازية، إنشاء أقطاب اقتصادية.
  • التعليم والثقافة: رفع ميزانيات التعليم، تعزيز اللغة الأمازيغية، تطوير الفنون.
  • السياسة الخارجية: سياسة دبلوماسية هجومية، تعزيز دور الجزائر في الوساطات الإقليمية والدولية.

المصدر: من إعداد الباحث وفق ما توفر من بيانات في مختلف البرامج الانتخابية

  بناءً على البرامج الانتخابية للمترشحين الثلاثة، يمكن تحديد أهم نقاط التشابه الموجودة بين المترشحين في أنه عندما يتعلق الأمر بالإصلاح السياسي والاقتصادي فجميع المترشحين يدعون إلى إصلاحات في المجالين السياسي والاقتصادي، وبالتالي تم التركيز على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتعزيز الحماية الاجتماعية. ولعل مسألة تطوير التعليم تشكل هي الأخرى نقطة تقاطع حيث تم الإجماع على أهمية تطوير قطاع التعليم والبحث العلمي عبر خطوات وآليات مختلفة ولكنها جميعا تصب في نفس الاتجاه. ولعل النقطة الأكثر تقاطعا والتي لم نشهد فيها اختلافا بل تشابها كبيرا هي مسألة تعزيز الدور الدولي، حيث يهدف الجميع إلى تقوية دور الجزائر على الساحة الدولية وتطوير قدراتها الدفاعية من خلال إجراءات متنوعة، ما بين الحفاظ على نفس الطرح تجاه الأزمات الموجودة، او تبني مقاربة هجومية من اجل تعزيز المكانة، أو الاستثمار في المجالات الحيوية للجزائر. وأخيرا يشير المترشحون إلى ضرورة محاربة الفساد وتعزيز الشفافية. 

          من جانب آخر يمكن تسجيل جملة من النقاط الخلافية بين تلك البرامج، فعندما يتعلق الأمر برؤيتهم تجاه النظام السياسي يدعو مرشح جبهة القوى الاشتراكية إلى نظام شبه رئاسي برلماني، بينما لا يذكر الآخرون تغييرًا جذريًا في النظام السياسي. وفي الجانب الاقتصادي يركز عبد المجيد تبون على زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد، بينما يركز شريف حساني على الاقتصاد الاجتماعي المستقل، والمترشح يوسف أوشيش على تنويع الاقتصاد، و الأكيد أنه في مسألة السياسة الاجتماعية وهي المسألة المرتبطة بالمواطن يقترح المترشح يوسف أوشيش إجراءات محددة مثل رفع الأجور وإلغاء بعض الضرائب، بينما يتحدث الآخرون عن تحسين الظروف المعيشية بشكل عام. أما فيما يتعلق بالقضايا الثقافية، فيركز مترشح حركة مجتمع السلم على دور المسجد، بينما يؤكد مترشح جبهة القوى الاشتراكية على تعزيز اللغة الأمازيغية. ويظهر بعد آخر لم يشهد تداولا ولا طرحا من قبل المرتشحين يوسف أوشيش أو عبد العالي حساني والمتعلق بالتحول الرقمي والرقمنة، حيث ركز المترشح المستقل عبد المجيد تبون بشكل خاص على التحول الرقمي وادخال تكنولوجيا المعلومات في قطاعات الدولة المختلفة.

رابعا، نتائج انتخابات 7 سبتمبر 2024: ما الجديد؟

       من المهم جدا الإشارة إلى النتائج المؤقتة التي أعلنت عنها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والتي تم الطعن فيها فيما بعد من قبل المترشحين حساني عبد العالي ويوسف أوشيش، حيث تحصل االمتشرح المستقل عبد المجيد تبون على 5.329.253 صوت ما يمثل نسبة 94.65 بالمائة، مقابل 178.797 ألف صوت لمترشح حركة مجتمع السلم حساني شريف عبد العالي بنسبة قدرت بـ 3.17 في المائة، وأخيرا مترشح جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش بمجموع قدر بـ 122.146 ألف صوت بنسبة 2.16 في المائة [17]. فيما بلغت نسبة المشاركة داخل الجزائر حدود 48.03 في المائة مقابل 19.57 في المائة خارج الجزائر لدى الجالية المقيمة بالمهجر. وهي نسبة مرتفعة مقارنة بانتخابات 2019 التي لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة 39.88 في المائة و انتهت بفوز المترشح عبد المجيد تبون بالعهدة الأولى بنسبة 58.13 في المائة من أصوات الناخبين ( 4.974.523 صوت) [18].

       تلك النتائج قوبلت بالرفض من طرف المترشحين يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية المعارض وكذلك حساني عبد العالي عن حركة مجتمع السلم، حيث أعرب الأخير، في مؤتمر صحفي، عن خيبة أمله من الطريقة التي أديرت بها العملية الانتخابية، مشيراً إلى وجود تلاعب في النتائج ونسبة المشاركة. وشدد على ضرورة إجراء إصلاحات سياسية عميقة، مؤكدا أن هذه الإصلاحات جزء من برنامجه الانتخابي وأن برنامجه لا يزال متاحا للجزائريين[19]. ودعا إلى إجراء إصلاح شامل للجنة الوطنية للانتخابات من خلال ضمان انتخاب واختيار المرشحين الإسلاميين من قبل الأحزاب السياسية وليس بالتعيين كما هو الحال في الوقت الراهن. الأمر لم يختلف بالنسبة للمترشح يوسف أوشيش الذي شكك في النتائج المؤقتة التي أعلنتها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، معتبراً أنها لا تتطابق مع التقارير التي قدمتها مكاتب الاقتراع لصالح ممثلي المرشحين[20].

        وبعد قبول المحكمة الدستورية للطعن المقدم من طرف كل من المترشحين يوسف اوشيش و حساني شريف عبد العالي، أوردت النتائج النهائية الخاصة بالانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 7 سبتمبر 2024 والتي جاءت على الشكل التالي: بلغ العدد الإجمالي للناخبين المسجلين داخل الوطن وخارجه 243.51.551 ناخب، و بلغ العدد الإجمالي للناخبين المصوتين 11.226.065 ناخب، بنسبة مشاركة عامة بلغت46,10 بالمائة، فيما بلغ عدد الأصوات الباطلة (الملغاة) 1.764.637 صوت، في مقابل 9.461.428 صوت معبر عنه، و عليه كانت الأغلبية المطلقة محددة بحصول المترشح الفائز على ما مجموعه 4.730.715 صوت [21]. و فيما يتعلق بعدد الأصوات التي حصل عليها كل مترشح فقد جاءت على الشكل التالي:

السيد/ تبون عبد المجيد تحصل على عدد أصوات 7.976.291 ما يعادل 84,30 بالمائة.

السيد/ حساني شريف عبد العالي تحصل على عدد أصوات 904.642 أي ما يمثل نسبة 9,56 بالمائة.

السيد/ أوشيش يوسف تحصل على عدد أصوات 580.495 ما يمثل نسبة 6,14 بالمائة.

 إذا ما قمنا بمقارنة نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 بتلك التي تم تنظيمها سنة 2019، يمكننا تسجيل العديد من التغيرات، سواءا بالنسبة للنتائج المحققة أو بالنسبة للنتائج الخاصة بالمترشح المستقل الفائز بالانتخابات الرئيس/ عبد المجيد تبون.

جدول رقم (2): يوضح المقارنة بين انتخابات سنة 2019 وانتخابات سنة 2024

البند

انتخابات عام 2019

انتخابات عام 2024

العدد الإجمالي للمصوتين

9.755.340

11.226.065

نسبة المشاركة العامة (%)

39.88 %

46.10 %

الأوراق الباطلة (الملغاة)

1.244.925

1.764.428

الأغلبية المطلقة

4.255.209

4.730.715

النسبة المئوية التي تحصل عليها المترشح المستقل عبد المجيد تبون من العدد الإجمالي للمصوتين

58.13 %

84.30 %

المصدر: من اعداد الباحث وفق ما توفر من بيانات رسمية في الجريدة الرسمية المتضمنة النتائج النهائية للانتخابات

      من خلال الجدول أعلاه يتضح أن هناك ارتفاع في العدد الإجمالي للمصوتين في سنة 2024 باجمالي قدر بـ 11 مليون مصوت مقارنة بـ 9 مليون مصوت في 2019، ونفس الأمر ينطبق على نسبة المشاركة العامة التي بلغت 46,10 % سنة 2024 مقارنة بـ 39,88 % المحققة في انتخابات سنة 2019. لكن المثير للانتباه في النتائج الواردة في الجدول أعلاه متعلقة بعدد الأصوات الملغاة والتي قدرت بـ 1.244.925 صوت في سنة 2019 ليرتفع العدد في انتخابات سنة 2024 إلى 1.764.428 صوت. وبالتالي نتحدث هنا عن نسبة تقدر بـ 15.71 % من مجموع العدد الإجمالي للمصوتين لسنة 2024، وهو رقم كبير يحتاج إلى تدقيق وتحليل حول سبب ارتفاع هذا الرقم.

      من جانب آخر، تشير الأرقام المتعلقة بالولايات الأكثر مشاركة في الانتخابات بمحافظتها على نفس النسق في التصويت، كما أن نفس الولايات التي حقق فيها الرئيس عبد المجيد تبون نتائج جيدة في انتخابات 2019 ظلت هي نفسها أو ارتفعت بتغير طفيف في ولايات أخرى في انتخابات سنة 2024. و لتوضيح هذه النقاط نورد الجدول التالي:

جدول رقم (3): يوضح نسب المشاركة في ولايات مختارة على أساس الأكثر مشاركة والأقل مشاركة والنسب التي تحصل عليها المترشح المستقل عبد المجيد تبون خلال انتخابات سنة 2019 و2024

اسم الولاية

نسبة المشاركة 2019

نسبة المترشح عبد المجيد تبون

نسبة المشاركة 2024

نسبة المترشح عبد المجيد تبون

أدرار

61.26 %

55.62 %

62.75 %

89.26 %

الأغواط

56.34 %

66.49 %

64.61 %

85.30 %

بشار

56.39 %

71.53 %

50.87 %

83.79 %

بجاية

0.29 %

52.05 %

18.79 %

53.89 %

تيزي وزو

0.001 %

37.05 %

18.82 %

59.40 %

البويرة

20.61 %

63.68 %

51.94 %

77.48 %

سطيف

43.01 %

49.56 %

40.54 %

81.24 %

وهران

41.65 %

76.72 %

59.14 %

86.78 %

الجزائر

23.93 %

53.95 %

34.53 %

86.49 %

الجالية في المهجر

08.83 %

31.44 %

19.64 %

90.67 %

المصدر: من إعداد الباحث وفق ما توفر من بيانات رسمية في محاضر الإعلان عن النتائج النهائية الصادرة في الجرائد الرسمية لسنة 2019 و2024

        من خلال الجدول أعلاه يمكن ملاحظة أنه بالنسبة للولايات التي حققت أعلى نسب مشاركة فقد ارتفعت بها النسب في سنة 2024 مقارنة بسنة 2019، مثلا ولاية الأغواط ارتفعت النسبة من 56.34 % سنة 2019 إلى 64.61 % سنة 2024، ومن الملاحظ ايضا حدوث مزيد من الاقبال في الولايات التي  كانت تعرف مقاطعة على غرار ولاية تيزي وزو التي سجلت بها نسبة مشاركة قدرت بـ 0.001 سنة 2019 فقد زادت إلى 18.82% سنة 2024، بل الأكثر من ذلك فقد حقق فيها المترشح المستقل عبد المجيد تبون نسبة مرتفعة من عدد المصوتين بلغت في ولاية تيزي وزو مثلا 59.40 % مقابل 32.20 % لصالح المترشح يوسف أوشيش مرشح جبهة القوى الاشتراكية الذي تتشكل قواعده بشكل كبير في ولايات تيزي وزو، البويرة و بجاية. الأمر نفسه في ولاية بجاية فقد ارتفعت فيها نسبة المشاركة من 0.29 % سنة 2019 إلى 18.79 % في سنة 2024، كما حصل المترشح المستقل عبد المجيد تبون على 53.59% من عدد الأصوات مقابل 41.22 % لصالح المترشح يوسف أوشيش.

وفيما يتعلق بنسبة المشاركة للجالية الجزائرية المقيمة في المهجر قد ارتفعت من 08.83 % في انتخابات 2019 إلى 19.64 % في انتخابات 2024.

- خامسا: انجازات العهدة الأولى للرئيس عبد المجيد تبون (2019 – 2024): ما هي المكاسب؟

        شرع الرئيس عبد المجيد تبون في اتباع منهجية مدروسة بعناية، حيث بدأ بإضفاء الطابع المؤسسي على مؤسسات الدولة والحكم من خلال إجراء تعديلات دستورية [22]. واستنادًا إلى الأساس الدستوري الواضح لدستور 2020، قام بتنسيق العلاقة بين مختلف المؤسسات – والتي شملت المحكمة الدستورية، وهيئة مكافحة الفساد، ومرصد الانتخابات، والمجلس الأعلى للشباب، والمكتب الوطني لمراقبة المجتمع المدني - ونسق بين سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية [23]. من جانب آخر قام بإحداث تعديلات على الحياة السياسية من خلال تنظيم وتعديل قانون الانتخابات وإعطاء الشباب فرصة ممارسة السياسة وتولي السلطة.

        كما تميزت السنوات الأربع الماضية بإرساء تقاليد التواصل المباشر بين مؤسسة الرئاسة والحكم، خاصة الولاة، والمجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلفة من أجل التفاعل مع المواطنين. وقد تمت ترجمة ذلك عمليا على أرض الواقع من خلال الزيارات التي قام بها الرئيس إلى الولايات للوقوف ميدانيا على أوضاع المواطنين ومستوى الالتزام بتنفيذ تعهدات البرنامج الرئاسي المعلنة في الفترة الرئاسية الأولى، ومن خلال المتابعة الدقيقة للتطورات في ولايات الجلفة وتندوف وخنشلة وتيسمسيلت.

        كما ساعد إصلاح البنية التشريعية على التقارب بين مؤسسات الدولة والمجتمع، ولتقليص الفجوة الكبيرة التي كانت تفصل بين السلطة والمجتمع تم إصدار مرسوم بإنشاء مؤسسة الوسيط الجمهوري [24]، مع إتاحة فرص واسعة للفئات المهمشة ومراعاة مصالح المواطنين والحركات الاقتصادية في المجتمع [25]. وقد استلزم ذلك تحولًا كبيرًا في عملية تأطير المجتمع ودعمه من خلال توفير منصة للتغلب على الممارسات البيروقراطية السلبية التي كانت تعيق ذلك التقارب والاصلاح.

       كما شكلت التعهدات الـ 54 التي قطعها الرئيس عبد المجيد تبون خلال الحملة الانتخابية لسنة 2019، رؤيته للتغييرات التي يجب إحداثها، مثل التعهد رقم 35 الذي أكد التزامه بالقضاء على المناطق الفقيرة والمهمشة (مناطق الظل) في جميع أنحاء البلاد، والذي استفاد منه العديد من الولايات، مثل الجلفة وخنشلة وتيسمسيلت وتندوف. كما ينص التعهد رقم 44 على الحد من بطالة الشباب على وجه الخصوص، وقد استفاد العديد من الشباب من التشغيل الدائم نتيجة لتلك السياسة خاصة ما تعلق بإدماج الباحثين عن فرص في سوق العمل تدريجياً. ومن أجل زيادة الفرص المتاحة للشباب في عالم الأعمال، أنشأ رئيس الجمهورية وزارة متخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووضع إطاراً قانونياً لمساعدة الشباب على تحقيق إمكاناتهم، خاصة في مجال ريادة الأعمال [26].

       وعلاوة على ذلك، تم تعزيز الاقتصاد الوطني بسن تشريعات وقوانين لحماية وتشجيع المنتج المحلي والحد من الاستيراد الذي يتسبب في خسائر فادحة لخزينة الدولة من العملة الصعبة. وفي إطار التزاماته في إطار البند 13 من البرنامج الرئاسي، وعد الرئيس بتقليص الواردات بشكل كبير واستبدالها بسلع منتجة محليا لتوفير احتياطي العملة الصعبة، وكذا إنشاء المؤسسات الناشئة وزيادتها، وتوجيه الاستهلاك العام والطلب المحلي إلى الإنتاج، والسماح بظهور جيل جديد من رجال الأعمال الجزائريين. ونتيجة لذلك ارتفع النمو الاقتصادي ليحقق نسبة 4.1 بالمائة، كما زادت قيمة الدينار الجزائري 4.5 بالمائة مقارنة بالدولار الأمريكي وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 260 مليار دولار مع نهاية عام 2023، ويستهدف البرنامج الرئاسي الوصول إلى نحو 400 مليار دولار بحلول عامي 2026 و2027 [27] .

      كما أولي رئيس الجمهورية السيد/ عبد المجيد تبون أهمية كبيرة للقطاعات الاستراتيجية الرئيسية كالقطاع الفلاحي (الزراعة) خاصة في جنوب البلاد من خلال تنشيط الاستثمار في هذا القطاع وإتاحة الفرصة للمستثمرين للحصول على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المخصصة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية؛ ويتم ذلك من خلال الدعم الهادف والبناء والشفافية في إدارة هذا الملف الحساس المتعلق بالحياة المدنية والأمن الغذائي للمجتمع. ونتيجة لذلك توسعت المساحة الزراعية المروية (SAI) في الصحراء بأكثر من 106000 هكتار خلال العقد الماضي، لتبلغ حاليا ما يمثل 30٪ من إجمالي المساحة المروية الوطنية [28].

 ومن القطاعات الاستراتيجية الأخرى التي تم تنشيطها خلال السنوات الأربع الماضية قطاع التعدين. فقد حرص الرئيس على الاستفادة من موارد الجزائر، خاصة مع إطلاق مشروع الحديد الخام العملاق بغار جبيلات الذي ظل مجمدا لعقود، وإشرافه شخصيا على تدشينه ومتابعته.

وكذا تطوير شبكة واسعة للسكك الحديدية تربط ولايتي تندوف الجنوبية وبشار، مما ساهم بشكل كبير في إحداث تغيير جذري في الوضع التنموي في الولايتين، حيث استفادا من البنية التحتية والبنية الاقتصادية. فقد أدى إلتزام الرئيس بإصلاح منظومة التمويل والاستثمار التي لطالما كانت العائق الرئيسي أمام التنمية الحقيقية، إلى إلغاء قاعدة الحد الأدنى للشراكة (51-49%) التي كانت تمنع الأجانب من الاستثمار في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالنظام المصرفي وقانون الاستثمار، وبالأخص الاستثمار الأجنبي.

من جانب آخر، وإنطلاقا من رؤيته للعمق الإفريقي كخيار استراتيجي للجزائر، فقد جسد الرئيس موقف الجزائر الرافض لأي توغل أو تدخل في الدول الإفريقية، وعمل على إيجاد حل سياسي للأزمات الإفريقية التي طرأت أثناء العهدة الأولى وكان أهمها الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها الجزائر لحلحلة الأزمة التي حدثت عقب الانقلاب العسكري الأخير في النيجر الذي حدث يوليو 2023، بالإضافة إلى جهود الجزائر لإزالة وجود إسرائيل من قائمة المراقبين في الاتحاد الإفريقي. وتزامن تولي الجزائر لمقعد في مجلس الأمن الدولي مع وجود عضوين دائمين لهما تقاليد في التوافق مع الجزائر وهما روسيا والصين، إضافة إلى وجود تسعة أعضاء دائمين آخرين لهم توافق ايضا مع الجزائر.

  كما أصبحت الأزمة الليبية الشغل الشاغل للرئيس تبون منذ مشاركته في قمة برلين (18 يناير/كانون الثاني 2020)، بعد فترة وجيزة من انتخابه رئيسًا للجزائر. ومنذ ذلك الحين والرئيس يشدد على الحل السياسي الذي يعكس إرادة الشعب الليبي، بعيدًا عن التدخل الأجنبي. ليس هذا فحسب فقد تضمنت توجهات الرئيس الإفريقية إنشاء منطقة التجارة الحرة وإنجاز مشاريع الطرق الدولية التي تربط الجزائر بالدول الإفريقية عبر موريتانيا ومالي والنيجر وليبيا وتونس والتي تشترك مع الجزائر في أكثر من 6300 كم من الحدود، إضافة إلى وجود الخطوط الجوية الجزائرية في عدة مطارات إفريقية، بالإضافة إلى في قرارات تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجزائر وإفريقيا [29].

       وعلى المستوى الدولي، شهدت الجزائر نشاطا دبلوماسيا مكثفا عكس إرادة الرئيس في تحقيق المصلحة الوطنية العليا والمعاملة بالمثل من خلال زياراته الدولية في قارات العالم المختلفة وخطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما شهدت البلاد عدد غير مسبوق من الزيارات التي قام بها وزراء وممثلو حكومات ومنظمات إقليمية ودولية إلى الجزائر، ناهيك عن الزيارات المكثفة لرؤساء الدول والحكومات إلى الجزائر نظرا للدور النشط الذي قامت به الدبلوماسية الجزائرية من أجل إيجاد حلول سياسية للأزمات الإقليمية والدولية. بما في ذلك دبلوماسية المؤتمرات حيث يتم حاليا تنظيم عدد من المؤتمرات الإقليمية والدولية في مختلف المجالات بشكل منتظم من أجل تبادل الخبرات.

      فقد تم عقد القمة العربية في الجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، فقد استطاع الرئيس أن يجمع شمل القادة العرب ويضعهم أمام مسؤولياتهم تجاه القضية الأم، القضية الفلسطينية، وحاول إزالة الحواجز بين الأطراف الفلسطينية من خلال جمع كافة الفصائل الفلسطينية في تسوية تاريخية.

- سادسا: العهدة الثانية للرئيس تبون الفرص والتحديات:

على الرغم من أن الرئيس عبد المجيد تبون حقق فوزاً كبيراً في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة في ولايته الثانية سواء على المستوى السياسة الداخلية أو الخارجية . ويبدو أن الرئيس تبون يدرك ذلك جيدا لذلك في خطاب التنصيب، أعلن الرئيس أنه "خلال العهدة الثانية – وفي ظروف تسمح لنا بذلك – سنقوم باتصالات كثيفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للوطن السياسية والاقتصادية والشبانية للدخول في حوار وطني مفتوح، لنخطط معا للمسيرة التي ستنتهجها بلادنا لتجسيد الديمقراطية الحقة وليس ديمقراطية الشعارات" [30].

فعلى المستوى الداخلي: قد يؤدي استمرار اعتماد البلاد على عائدات تصدير الطاقة إلى اختلال في الإيرادات الحكومية وانخفاض الاستثمار العام إذا انخفضت أسعار الطاقة، كما هو متوقع. وبالتالي سيمتد تأثير ذلك أيضًا إلى السياسة الاجتماعية والمخصصات الحكومية للمناطق الأقل نموًا والفئات الأكثر ضعفًا.

 كما أن تعهده بخلق 450 ألف فرصة عمل للشباب وزيادة عدد الشركات الجديدة من 8 آلاف إلى 20 ألف نهاية العهدة ومثلها للمقاول الذاتي يظل رقما كبيرا يحتاج إلى مزيد من الإصلاحات الاقتصادية ودعم أكبر للشركات الناشئة وتقليل البيروقراطية المعيقة لتحقيقها [31]، دون أن ننسى أيضا مدى إمكانية نجاح التحول الرقمي في بيئة تحتاج إلى مزيد من الانفتاح.

كما يواجه الرئيس الجزائري تحدي آخر لا يقل أهمية وهو رفع حجم الاستثمارات في الجزائر؛ اعتمادا على الاستقرار والثقة والإمكانات المالية التي تتوفر عليها البلاد، إلى ما يقارب 9 آلاف مشروع استثماري جديد، بشكل سيرفع نسبة التنمية إلى 4 في المائة ويخلق فرص عمل ووظائف ويدر الثروة. وتظل كلها طموحات تتماشى مع استكمال مسار تنويع الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على عائدات تصدير الطاقة، الذي قد يتسبب الاستمرار في هذا النموذج في اختلال إيرادات الحكومة وتراجع الاستثمارات في حال انخفضت أسعار النفط والغاز .

وعلى المستوى الخارجي: يواجه الرئيس تحديات على عدة مستويات منها ما يتعلق بالتحالفات الدولية، وعلى وجه الخصوص، عدم انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس في عام 2023 ، بالرغم من الموافقة رسميًا على انضمام الجزائر إلى البنك الجديد التنمية (NDB) التابع للبريكس في أغسطس الماضي  [32]. هذا بالإضافة إلى استمرار إنعدام الأمن في البلدان المجاورة مثل ليبيا ودول الساحل الافريقي. ولا تزال العلاقات مع فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي متوترة وباردة سياسياً، على الرغم من تشابك المصالح الاقتصادية للطرفين. وخلافًا للتوقعات، لم تلعب الجزائر دورًا ملحوظًا أو مميزًا في حرب الإبادة المستمرة ضد الفلسطينيين منذ أكتوبر 2023، باستثناء ما عبرت عنه خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن. وتأتي دائرة العلاقات المغاربية على رأس أولويات الرئيس في ولايته الجديدة، وذلك في اتجاه تعزيز العلاقات مع تونس وموريتانيا ودعم الحل السياسي في ليبيا.

  وتحيط بهذه العهدة أوضاع وعلاقات دولية متشعبة ومطبوعة بالحروب وآثار التغيير غير الدستوري لعدة أنظمة في دول الساحل، إلى جانب محاولات إشعال فتيل نزاعات مسلحة في الشريط الحدودي الجنوبي، من قبل قوى دولية معروفة، إضافة إلى مخاضات عسيرة للانتقال من عالم وحيد القطب إلى آخر متعدد الأقطاب. 

  من جانب آخر، تبدو الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي أحد أهم التحديات التي تنتظر الرئيس عبد المجيد تبون، حيث أشار تقرير حديث لمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية في يوليو 2024، إلى أن التصاعد في هجمات الجماعات الإسلامية المتشددة في ساحل غرب أفريقيا يؤكد المخاوف القائمة منذ فترة طويلة من أن العنف المتطرف المطلق في منطقة الساحل سوف يمتد إلى جيرانها. وبالفعل فقد أمتد العنف إلى دولة بنين وكانت الأكثر تضرراً حيث تضاعف عدد الوفيات المسجلة (إلى 173 حالة وفاة) في العام الماضي 2023 [33]. وبالمثل، واجهت توجو ارتفاعًا في وتيرة أعمال العنف للجماعات المتطرفة، بما في ذلك 69 حالة وفاة خلال نفس الفترة الزمنية. وتواجه المناطق الحدودية في غانا وكوت ديفوار وغينيا والسنغال وموريتانيا ضغوطا أكبر من مختلف الجماعات المسلحة التي تحاول تأجيج التوترات داخل المجتمعات المحلية وفيما بينها كوسيلة للوصول إلى النفوذ، كما ارتفع العدد السنوي لأحداث العنف المرتبطة بالجماعات الإسلامية المتطرفة داخل حدود الدول الساحلية الواقعة في غرب أفريقيا وعلى مسافة 50 كيلومترًا منها بأكثر من 250 بالمائة خلال العامين الماضيين، متجاوزًا 450 حادثًا [34]. في خضم هذا المشهد تسابق الجزائر، الدولة ذات الحدود الواسعة مع دول منطقة الساحل، الزمن من أجل تهدئة الأوضاع، ومواجهة خطر الجماعات الإرهابية، بسبب تأثير ذلك على أمنها من جهة، وتنامي نفوذ بعض القوى الدولية على غرار فرنسا وروسيا والولايات المتحدة والصين من جهة أخرى، وهو ما أشار إليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حين حذر من خطر تحويل منطقة الساحل الصحراوي إلى بؤرة إرهاب جديدة لا سيما في ظل سهولة التغذي من روافد الجريمة المنظمة كالتهريب والاتجار في السلاح والبشر، وقال إن مساعي الجزائر قائمة أساساً على مبدأ رفض التدخل الأجنبي وتشجيع الحوار الداخلي والحفاظ على الوحدة الترابية والانسجام الوطني للدول.

لكن استمرار الجزائر في السير على نفس المقاربة القائمة على أساس تنموي تتطلب جملة من الشروط أهمها العودة للنظام الدستوري وتنفيذ كامل لاتفاق السلم والمصالحة في تلك الدول، إذ من خلال ذلك يمكن القضاء على الجماعات الإرهابية. وربما ما يدعم هذا الطرح واستمراره في الفترة القادمة هو الدعم والإشادة الذي حظي به الموقف الجزائري من طرف الأمم المتحدة، في صورة رسالة الأمين العام للأمم المتحدة إلى الجزائر والتي يثني فيها على المقاربة الجزائرية. ولكن تواجه مساعي الجزائر لقبول تلك المقاربة تحديات كبيرة، من بينها معارضة بعض الأطراف التي تجد في استمرار العنف تحقيقاً لمصالحها. وهنا نشير إلى أنه بالرغم من أن البعض في دولة مالي قد لا يُبدون حماساً للمقاربة الجزائرية، إلا أن ذلك لا يعكس حقيقة تطلعات الشعب المالي للاستقرار وتحسين ظروفه المعيشية، وقد تُشير هذه المعارضة إلى احتمالية وجود ضغوط خارجية وتضارب للولاءات، مما يُفسر بطء التقدم في القبول بالمقاربة الجزائرية.

 التحدي الآخر متربط بمواجهة خطر الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل والحدود الجنوبية، وهي تحديات حقيقية لا تنفصل عن التحدي السابق، حيث دعت الجزائر إلى تبني مقاربة أفريقية جديدة وشاملة لمكافحة الإرهاب، تقوم على محاربة الجماعات المُسلحة وإرساء سبل الوقاية من كافة أشكال التطرف. وأكدت، خلال مشاركتها في الاجتماع الحادي عشر للجنة رؤساء الأركان والعاشر لمجلس وزراء الدفاع لدول "قدرة إقليم شمال أفريقيا"، على أن القضاء على الإرهاب والتطرف العنيف يتطلب إستراتيجية متكاملة تواجه التطرف وتجفف مصادر تمويل الإرهاب، بما في ذلك منع دفع الفدية التي تغذي الإرهاب وتمده بالمال والسلاح [35].

  كما تبدو عملية الحفاظ على نفس النسق في السياسة الخارجية تحديا آخر للرئيس عبد المجيد تبون، حيث شهدت العهدة الأولى نشاطا دبلوماسيا مكثفا في شمال إفريقيا والمغرب العربي، منهية بذلك فترة من الانكفاء على الصعيد الخارجي. فمنذ انتخابه في ديسمبر 2019، أطلق الرئيس الجزائري ديناميكية جديدة للدبلوماسية الجزائرية، لمواجهة الاستقطاب الدولي الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية. وتعتمد الجزائر في ذلك على "دبلوماسية المبادئ" ورؤية استراتيجية تستهدف الاستفادة من الوضع الدولي الراهن، بل وحتى لعب دور الوساطة الذي عرفت به الدبلوماسية الجزائرية منذ الاستقلال. لهذا نعتقد أن يواصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في إعطاء نفس الأهمية لقضية الصحراء الغربية، حيث أكد في مناسبات عديدة على موقف الجزائر الثابت تجاه هذه القضية، حيث قال: "لن نتخلى عن القضية الصحراوية مهما كلف الأمر، فهي قضية مبدأ بالنسبة لنا..." [36]. ويتماشى هذا الموقف مع ثوابت الدبلوماسية الجزائرية التي ظلت على هذا المبدأ على مدار نصف قرن تُصنّف قضية الصحراء الغربية كآخر مستعمرة في إفريقيا.

  أما بالنسبة لعلاقاتها مع دول الجوار المغاربي، فإن المرحلة المقبلة تشكل تحولا كبيرا في العلاقات الثلاثية الجزائرية- التونسية- الليبية، خاصة مع استحداث الآلية الجديدة للتشاور بين الدول الثلاث، حيث شكل الإعلان عن عقد القمة الثلاثية (تونس الجزائر وليبيا) خطوة لتعزيز التعاون بين بلدان المغرب العربي الثلاث، حيث تهدف هذه الآلية التشاورية إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين تلك الدول، خاصة وأنها تأتي في ظل بيئة مغاربية تشهد تحولات وتحديات إقليمية مشتركة وأزمات اقتصادية متعددة الأبعاد، وكلها تحديات تتطلب تبني نهج مشترك وتنسيق أكبر. كما تجمع الدول الثلاث رهانات مشتركة في البعد الأمني، حيث تعتبر مكافحة الإرهاب أولوية ملحة للأطراف الثلاثة بسبب وجود الجماعات المسلحة في المنطقة، واتفاق الدول الثلاث على تبادل المعلومات وتنسيق جهودها لمواجهة التهديدات الأمنية بما يعزز من فرص المواجهة.

 لكن الأمر يختلف بالنسبة للعلاقات الجزائرية – المغربية التي تم الإعلان عن قطعها منذ 24 أغسطس 2021 وحتى الآن، خاصة و أن قرار قطع العلاقات في تلك الفترة كان مبنيا على دوافع ومخاوف جزائرية مازالت موجودة، وبالتالي فالسيناريو الأقرب خلال الفترة القادمة هو استمرار قطع العلاقات بين الطرفين، خاصة مع استمرار التطبيع الإسرائيلي – المغربي و الذي ترى الجزائر انه يشكل تهديدا مباشرا لها، خاصة مع توالي التصريحات و الممارسات من الطرفين المغربي والإسرائيلي، حيث صرح وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد أثناء زيارته للمغرب في 12 أغسطس 2021 ردا على حملة قادتها الجزائر ضد وجود إسرائيل عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي، قائلاً: "نحن نشارك المملكة القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قرباً من إيران، وتقوم حالياً بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب" [37].

  كما يبرز ملف العلاقات الجزائرية -الفرنسية كأحد أهم الملفات التي قد تشهد تحولات في العهدة القادمة للرئيس عبد المجيد تبون، حيث اتسمت العلاقات بين البلدين خلال العهدة الأولى بالتذبذب ما بين المد والجزر، دون الخروج عن حدود مُحددة يرغب الطرفان في عدم تجاوزها. وتحكم هذه العلاقة اعتبارات مُشتركة، منها الشواغل الأمنية والعسكرية، والمصالح الاقتصادية والطاقة خاصة المتعلقة منها بقطاع النفط والغاز. ففي حين تمثل قضية الصحراء الغربية أولوية جيواستراتيجية للجزائر، تركز فرنسا على نفوذها التقليدي وملفات الطاقة. والنتيجة كانت قرار فرنسي في 29 يوليو 2024 ينص على الاعتراف بخطة المغرب المتعلقة بالحكم الذاتي في الصحراء الغربية، مقابل تأكيد الجزائر على مواقفها الداعمة للقضية الصحراوية باعتبارها قضية تصفية استعمار في الأمم المتحدة، حيث وردت في بيان وزارة الشؤون الخارجية الفقرة التالية "أخيرا، وفي الوقت الذي تحشد فيه الأمم المتحدة مساعيها الحميدة لإعطاء زخم جديد لمسار البحث عن تسوية سياسية للنزاع في الصحراء الغربية، فإن القرار الفرنسي يناقض هذه الجهود ويعرقل تنفيذها ويتعارض مع المصلحة العليا للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة" [38]. وهذه المواقف غير المتوافقة للطرفين تؤكد استمرار العلاقات الفرنسية – الجزائرية على نفس النهج لطالما كل الشروط الدافعة له مازالت متوفرة خلال الفترة القادمة. كما أنه وفي ظل إعادة انتشار القوات الفرنسية في منطقة الساحل والصحراء، وتزايد الدور الروسي (عسكريا من خلال مجموعة فاجنر)، وتعزيز التعاون الجزائري مع روسيا والصين وإيران عسكريا واقتصاديا، فإن أي أزمة مستقبلية بين الجزائر وفرنسا على غرار أزمة 2021، قد تتجاوز حدود استدعاء السفراء.

    وفي إطار تواجد الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة (2024-2025)، فإنه يمكن تحديد أهم أولويات الجزائر خلال الفترة القادمة في أربعة محاور أساسية، أولها تعزيز السلم والأمن الدوليين خاصة ما يتعلق بالتأكيد على ضرورة احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخاصةً مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، والدعوة إلى حل النزاعات الإقليمية والدولية عبر الحوار والوساطة، مستندةً إلى تجربتها في الوساطة في مالي. من جانب آخر يبدو ان الجزائر ماضية في رؤيتها بضرورة إيجاد حلول إفريقية للمشاكل التي تواجه القارة، وخاصةً في مجال حفظ السلام والأمن.أما المحور الثاني فيتركز على تعزيز العمل متعدد الأطراف، من خلال التأكيد على أهمية تعزيز الشراكات الدولية، وخاصةً بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي، و تجديد الالتزام بمبدأ عدم الانحياز وتعزيز دوره في إعادة التوازن للعلاقات الدولية. أما المحور الثالث فهو الاستمرار على نفس النسق في  التزامها الكامل بدعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، و كذلك جهود التنمية في إفريقيا، وتخصيص الموارد المالية اللازمة لتحقيق ذلك. أما المحور الرابع و الأخير فيعنى بالأساس بالتأكيد على أهمية إشراك الشباب والنساء في جميع الجهود الدولية الهادفة إلى تحقيق السلم والأمن الدوليين.

خاتمة:

   شهدت عهدة الرئيس عبد المجيد تبون الأولى (2019-2024) تحولات هامة على الصعيدين الداخلي والخارجي، مهدت الطريق نحو انتخابات رئاسية مبكرة في 7 سبتمبر 2024. فمن جهة، ساهمت جهود الرئيس في تعزيز أركان الدولة الجزائرية من خلال تعديل الدستور وتعزيز دور المؤسسات الرقابية والقضائية، كمحاربة الفساد وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات. كما عرفت الحياة السياسية حركية ملحوظة عبر تعديل قانون الانتخابات وتمكين الشباب من المشاركة الفاعلة في صناعة القرار.

      وعلى الصعيد الاقتصادي، حققت الجزائر نمواً ملحوظاً انعكس إيجاباً على قيمة الدينار الجزائري. كما شهدت القطاعات الاستراتيجية كالفلاحة والتعدين انتعاشاً ملحوظاً بفضل تشجيع الاستثمار وتوفير المناخ الملائم للنمو.  وعلى الصعيد الدولي، استعادت الجزائر دورها الفاعل في القضايا الإقليمية والدولية، مستندة إلى مبادئها الثابتة في دعم الحق والمساندة للشعوب المقهورة.

       لكن على الرغم من هذه الإنجازات، لا تزال الجزائر تواجه عدة تحديات على رأسها الاعتماد المفرط على عائدات النفط والغاز وارتفاع معدلات البطالة خاصة في أوساط الشباب.  كما أن ملف المستقليات الفردية والعامة لا يزال بحاجة إلى مزيد من العمل الجاد لتكريس مبادئ حقوق الإنسان وضمان ممارستها على أرض الواقع.

 لتحميل الدراسة بصيغة PDF يرجى الضغط على الرابط التالي

الهوامش:

[1] رئاسة الجمهورية، " رئيس الجمهورية يقرر انتخابات رئاسية مسبقة يوم 07 سبتمبر 2024"، تاريخ النشر: 21 مارس 2024، على الرابط التالي:  https://www.el-mouradia.dz/ar/president/65fc599effe8f6001dbd01f8

[2]  حسام حمزة، " انتخابات رئاسية مسبّقة في الجزائر: أيّ دوافع؟"، الميادين، تاريخ النشر: 24 مارس 2024، على الرابط التالي: https://2u.pw/Iuxrn8PS

[3]  وكالة الأنباء الجزائرية، " الانتخابات الرئاسية المسبقة : أسباب ودوافع الإعلان"، تاريخ النشر: 22 مارس 2024، على الرابط التالي: https://www.aps.dz/ar/algerie/159399-2024-03-22-17-22-10

 [4]  المرجع نفسه.

[5] ربيعة خريس، " انتخابات رئاسية مبكرة في الجزائر... لماذا؟"، مجلة المجلة، تاريخ النشر: 25 مارس 2024، على الرابط التالي: https://2u.pw/mRIIdCdf

[6]  السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، " الهيئة الناخبة"، على الرابط التالي: https://ina-elections.dz/wp-content/uploads/2024/08/presentation_rev_2024.pdf

 [7]  أمر رقم 21-01 مؤرخ في 26 رجب عام 1442 الموافق لـ 10 مارس سنة 2021، يتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، الجريدة الرسمية، العدد: 17، السنة الثامنة والخمسون، 10 مارس 2021.

[8]  " حملة جمع التوقيعات تكشف عن الأوزان النسبية للمرشحين للرئاسيات الجزائرية.. تبون في الصدارة وسيدة قد تحدث المفاجأة"، القدس العربي، تاريخ النشر: 19 جويلية 2024، على الرابط التالي:

https://2u.pw/2wR2QGCT

[9]  وكالة الأنباء الجزائرية، " إعتماد القائمة النهائية للمترشحين لرئاسيات 7 سبتمبر: النص الكامل لبيان المحكمة الدستورية"، تاريخ النشر: 31 جويلية 2024، على الرابط التالي:

 https://www.aps.dz/ar/algerie/165856-7

[10] "مراد: ’المترشح تبون سيواصل جهوده لحماية كرامة الجزائريين‘"، الإذاعة الجزائرية، 27/8/2024، على الرباط التالي:  https://bit.ly/3MDPY5w

[11]   "المترشح الحر السيد عبد المجيد تبون يتعهد بمنح ’مكانة لائقة‘ للشباب ومراجعة عدة قوانين"، وكالة الأنباء الجزائرية، 3/9/2024، على الرابط التالي: https://bit.ly/4ekOAQO

[12]  حساني شريف عبد العالي، "البرنامج الانتخابي"، شوهد في 12/9/2024، في:  https://bit.ly/4d2cgZd

[13]  "البرنامج الانتخابي لمترشح حركة مجتمع السلم"، عبر الرابط التالي: https://hassani-president.com/electoral-programme

[14]  المرجع نفسه.

[15] ع. أسابع، " يوسف أوشيش يعرض برنامجه الانتخابي ويؤكد: برنامج «رؤية» يمنح الفرصة للشباب لصناعة المستقبل"، جريدة النصر، تاريخ النشر: 10 أوت 2024، على الرابط التالي:  https://2u.pw/ng0rEDsj

[16] الإذاعة الجزائرية، " المترشح يوسف أوشيش يلتزم بـ "تعزيز الطابع الاجتماعي للدولة"، تاريخ النشر: 23 أوت 2024، على الرابط التالي: https://news.radioalgerie.dz/ar/node/50815

[17]  السلطة الوطنية للانتخابات، "الإعلان عن النتائج المؤقتة"، تاريخ الإطلاع: 08 سبتمبر 2024، على الرابط التالي: https://ina-elections.dz/wp-content/uploads/2024/09/resultats-wilaya-2-1.pdf

[18]  إعلان رقم 03/ إ.م د/ 19 مؤرخ في 19 ربيع الثاني عام 1441 الموافق لـ 16 ديسمبر 2019، يتضمن النتائج النهائية لانتخاب رئيس الجمهورية، الجريدة الرسمية، العدد: 78، السنة السادسة والخمسون، 18 ديسمبر 2019، ص.18.

[19]  وكالة الأنباء الجزائرية، "النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية: السيد حساني شريف يودع طعنا لدى المحكمة الدستورية"، تاريخ النشر: 10 سبتمبر 2024، على الرابط التالي:

https://www.aps.dz/ar/algerie/168063-2024-09-10-12-27-35

[20]  الإذاعة الجزائرية، "يوسف أوشيش ينتقد السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات"، تاريخ النشر: 09 سبتمبر 2024، على الرباط التالي: https://news.radioalgerie.dz/ar/node/51758

[21]  إعلان رقم 09/ إ.م د / 24 مؤرخ في 10 ربيع الأول عام 1446 الموافق لـ 14 سبتمبر سنة 2024، يتضمن النتائج النهائية لانتخاب رئيس الجمهورية، الجريدة الرسمية، العدد: 63، 15 سبتمبر 2024، ص.07.

[22]  نص دستور 2020 على جملة من التعديلات التي مست هيكلة السلطة وإعادة توزيع الصلاحيات بشكل يضمن توازنها من جهة، وإفساح المجال أمام الهيئة التشريعية حتى تأخذ مكانها في صناعة القرار السياسي، لهذا تم تحديد الولايات الرئاسية في عهدتين فقط مقارنة بالفترة الماضية، مع النص بصراحة على تقليص صلاحيات الرئيس لصالح السلطة التشريعية. ولعل أهم ما لفت الانتباه هو إضافة مادة تشير إلى " الإقرار بحق الرئيس في إرسال وحدات عسكرية للمشاركة في مهام حفظ السلام بالخارج لحماية الأمن القومي بعد موافقة ثلثي أعضاء البرلمان". من جانب آخر تم الإقرار بتعيين رئيس الحكومة من أغلبية البرلمان، حيث وفي إطار التوازن بين السلطات، أشار الدستور المعدل إلى تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية، سواء كانت الأغلبية موالية للرئيس وبرنامجه أو عن طريق التحالف الرئاسي. كما أقر الدستور الجديد لأول مرة إنشاء هيئات استشارية لعل أهمها المجلس الإسلامي الأعلى، المجلس الأعلى للأمن، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المرصد الوطني للمجتمع المدني، المجلس الأعلى للشباب، المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات، الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات. للمزيد من المعلومات أنظر في: المحكمة الدستورية، دستور 2020، على الرابط التالي: https://2u.pw/IzduSnIy

[23] المحكمة الدستورية، التعديل الدستوري المصادق عليه في إستفتاء الفاتح من نوفمبر 2020، على الرباط التالي:

https://cour-constitutionnelle.dz/ar/2021/04/07/%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84-2020/

[24]  تم إنشاء هذه الهيئة "وسيط الجمهورية" بموجب المرسوم رقم 20-45 المؤرخ في 15 فبراير 2020، المرسوم المؤسس لوسيط الجمهورية حيث يحول لهذا الأخير صلاحيات تسوية النزاعات، بحيث يمكن لكل شخص طبيعي يعتبر نفسه مظلوما من طرف أي مصلحة عمومية أن يلجأ إلى وسيط الجمهورية بأيّ وسيلة كانت (مراسلة، اتصال، بريد إلكتروني، مقابلة...). لمزيد من التفاصيل حول هذه المؤسسة أنظر في:

https://mediateur.el-mouradia.dz/

[25]  مرسوم رئاسي رقم 20-45 مؤرخ في 21 جمادى الأولى عام 1441 الموافق لـ 15 فبراير 2020، يتضمن تأسيس وسيط الجمهورية، الجريدة الرسمية، العدد: 09، 2020.

[26] الإذاعة الجزائرية، " النـص الكــامل لبـيـان اجـتــماع مـجــلس الـوزراء"، تاريخ النشر: 03 فيفري 2020، على الرابط التالي: https://radioalgerie.dz/news/ar/article/20200203/189207.html

[27] عبد الباسط تكالي، " تبون يرفض الاستدانة.. ويستهدف 400 مليار دولار ناتج محلي إجمالي"، الشرق، تاريخ النشر: 24 مارس 2024، على الرابط التالي:  https://2u.pw/g2kuJLIW

[28] وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، " تنمية الزراعة الصحراوية"، على الرباط التالي:  https://2u.pw/E1EoY6zZ

[29]  بعثة الجزائر لدى الأمم المتحدة، " إنشاء مناطق حرة بين الجزائر و 5 دول إفريقية هذه السنة"، على الرابط التالي:

https://pmnewyork.mfa.gov.dz/ar/news-and-press-releases/creation-of-free-zones-between-algeria-five-african-countries-in-2024

[30]  نسيمة عجاج، " الرئيس الجزائري يتعهد بفتح حوار وطني ومواصلة تحدي بناء الجزائر الجديدة "، تاريخ النشر: 17 سبتمبر 2024، على الرابط التالي:  https://2u.pw/rC1jWlCn

 [31] الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي هي مــؤسـسـة عـمـومـيـة ذات طــابــع إداري موضوعة تحت وصاية الوزير المكلف باقتصاد المعرفة والشركات الناشئة، والشركات المصغرة، تهدف الوكالة إلى المساهمة في تنظيم الأنشطة الاقتصادية الجديدة، لا سيما في مجال الرقمنة، وتعزيز روح المبادرة من خلال تسهيل وصول الشباب إلى العمل الحر وتشجيعهم على الاندماج في الاقتصاد الرسمي للبلاد.للمزيد حول نشاطها و الإطار القانوني المنظم لها، أنظر في: الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، من خلال الرابط الإلكتروني التالي: https://www.anae.dz/#a_propos

[32]  ،  https://www.mf.gov.dz/index.php/ar/activites-ar/1850-2024-09-01-08-20-36

[33] Daniel Eizenga and Amandine Gnanguênon, Recalibrating Coastal West Africa’s Response to Violent Extremism, Africa Security Brief No. 43, July 22, 2024, available in :

https://africacenter.org/publication/asb43en-recalibrating-multitiered-stabilization-strategy-coastal-west-africa-response-violent-extremism/

[34] Ibid.

[35]  "السيد الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، يشارك في أشغال الاجتماع الحادي عشر للجنة رؤساء الأركان، والاجتماع العاشر لمجلس وزراء الدفاع للدول الأعضاء في قدرة إقليم شمال إفريقيا"، وزارة الدفاع الوطني، تاريخ النشر: 06 ماي 2023، على الرابط التالي:https://www.mdn.dz/site_principal/sommaire/actualites/ar/2023/mai/cem06052023ar.php

[36] بعثة الجزائر الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك، "الجزائر مستمرة في الدفاع "بلا هوادة " عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، على الرابط التالي:

https://pmnewyork.mfa.gov.dz/ar/embassys-activities/algeria-will-continue-to-relentlessly-defend-western-sahara-peoples-right-of-self-determination

[37] "Israel tells Algeria to mind own business after severing ties with Morocco", The Times of Israel, 25 August 2021, available in : https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/israel-tells-algeria-to-mind-own-business-after-severing-ties-with-morocco/

 [38]  بعثة الجزائر الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك، " الجزائر تستنكر قرار الحكومة الفرنسية الاعتراف بخطة الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية المزعومة"، على الرابط التالي: